نصائح لمحاسبة النفس
الأحداث التي تمر بحياتك متلاحقة، لا تسير على وتيرة واحدة، فهي متباينة..
من فرح لحزن، لأشواق، لهجر، لخسارة صديق ومكسب آخر.. لفقدان عزيز وميلاد
آخر.. لفعل ورد فعل..
لكن هل استوقفت نفسك مرة وقدمت لها كشف حساب عن تصرفاتك وردود أفعالك في كل
موقف من السابق؟ هل اكتشفت أين أخطأت وأين أصبت؟ هل تبينت في أي المواقف
كان رد فعلك مصطنعا وأيها طبيعيا؟ متى وضعت "ماسكا" على وجهك لتداري به
رأيك الحقيقي، ومتى واجهت بكل جرأة؟.
الكل يفعل ذلك فقط في حجرته الخاصة بينه وبين نفسه، حيث لا رقيب ولا أعين
ولا أذان متطفلة، حيث بمفردك تستطيعين أن تجلسي مع ذاتك، وتصلي إلى
أعماقها، إلى تلك النقاط البعيدة التي لا يستطيع أن يصل لها سواك، لترممي
ما بها من جراح، وتعالجي ما لديك من تصور في جلسة مع النفس.
فالجلوس مع الذات أو ما يسميه علم النفس "عملية الاستقرار الداخلي"،
ضرورية لنمو شخصية الإنسان بطريقة صحيحة، كما يقول الدكتور فؤاد فهمي
–استشاري الأمراض النفسية والعصبية - حيث إن الاعتياد على الخطأ المتكرر
يؤدي إلى فقدان الحساسية اتجاه السلوك والأقوال، كذلك العجز عن تحويل
المواقف التي تمرين بها إلى خبرة يعزى إلى ضعف محاسبة النفس، فهي كالبديل
لمحاسبة الآخرين، فعملية الاستقراء الداخلي للنفس هي مراجعة للهدف،
وتصحيح لمسيرة ماذا لو رجع الزمن 24 ساعة، وكانت أحداث هذا اليوم مجرد
حلم، هل ستتخذين نفس المواقف؟ يمكنك أن تقرري ذلك، حيث تجلسين إلى ذاتك،
فهذا يعوضك عن الجلوس مع طبيب نفسي.
لذا، اجلسي مع نفسك وراجعيها من خلال 6 نقاط مهمة، وحاسبي نفسك عنها:
1- تصرفاتك اتجاه نفسك:
كثيرا ما تتخذين قرارات ضد نفسك، وأغلب الأحيان لصالحك، ولكن هذا قد يكون
رأيك في الموقف نفسه، ولكن بعد انتهائه، هل حصلت على النتيجة التي
افترضتها، أم كانت حساباتك اتجاه نفسك خاطئة؟ وكيف يمكن الاستفادة من هذه
التصرفات حتى ولو كمجرد خبرة في رصيد خبراتك السابقة؟
2- علاقاتك مع الآخرين:
الإنسان بفطرته كائن اجتماعي يسعي ليصبح فردا داخل مجموعة من الناس، لذلك
فعلاقاتك بالآخرين من أهم الأشياء الموجودة في حياتك، لذلك فإن تقدير ردود
أفعالك اتجاه من حولك والنتائج التي أدت إليها شيء مهم ينبغي مراجعة نفسك
بخصوصها، فتقدير عدد الأشخاص الذين اكتسبت معرفتهم، وأيضا الذين خسرت
علاقاتك معهم يضع لك صورة مفصلة لموقعك في الحياة، وتأثيرك فيها، وتأثرك
بها.
3- الماديات:
المكاسب المادية وأيضا الخسارة خلال اليوم تؤثر على المستوى المعيشي، ومدى
تلبية رغباتك واحتياجاتك، ومعرفة السبب في هذه الخسارة تجعلك تتجنبين
تكرارها، بل قد تجدي طرقا لتعويضها.
4- تجارب الآخرين:
كل هذا يلعب دورا في حياة الآخرين حولك، وكذلك فإن وجود الآخرين في حياتك
يمثل فوائد عديدة لك، أبسطها هو قدرتك على الاستفادة من تجارب الآخرين،
وإضافة نتائج هذه التجارب كخبرة شخصية لك تساعدك في المستقبل على تقدير
المواقف بطريقة صحيحة، وتجنب الوقوع في المشاكل من خلال رصد للأحداث التي
حدثت لمن حولك.
5- المعلومات الجديدة:
تتعرضين يوميا لكثير من مصادر المعلومات، سواء من خلال وسائل الإعلام، أو
الكتب، أو الأفراد المحيطين، كل هذا يمدك بمعلومات جديدة، ولكن أي معلومة
جديدة لا تجد قيمتها إلا عندما يتم توظيفها من خلال الفرد في مواقفه
الحياتية.
6- الأحاسيس الجديدة:
الأحاسيس والمشاعر أشياء لا يمكنك التحكم في وجودها أو عدمه، أو حتى في
اتجاه تحركها، ولذلك فإن وجود أي إحساس جديد يتطلب الانتباه له جيدا،
ومراجعة التصرفات التي تنتج عنه حتى لا تجرفك إلى فعل أشياء لا ترغبين
فيها.
قد تتخذ عملية الاستقراء الداخلي صورة مرضية، خاصة في حالة الوسواس القهري،
حيث يركز الإنسان على محاسبة نفسه على أشياء ليس لها قيمة، كذلك في حالة
الاكتئاب الداخلي، بحيث يصيب الإنسان إحساس دائم بالذنب.
خطوات مرشدة للجلوس مع النفس:
1- حاولي أن تحضري ورقة وقلما لتكتبي إنجازاتك وأخطاءك، وحاولي أن تدوني ذلك في دفتر خاص بك يوميا.
2- قومي باسترجاع أحداث اليوم بتسلسل بسيط.
3- ركزي على المواضيع المهمة.
4- أبدأي بمناقشة انجازاتك خلال اليوم حتى تتحاشي الوقوع في صغر نفسك.
5- ناقشي أخطاءك وسلبياتك خلال اليوم دون أن تشفقي على ذاتك.
6- حاولي وضع حلول للمشكلات التي حدثت أو مواقف بديلة قد تكون أصح من التي فعلتها.
7- كوني نظرة مستقبلية اتجاه الأشياء التي تناقشينها، وحاولي أن تكوني متفائلة.
نصائح:
- قبل النوم مباشرة الموعد الأنسب لهذه الحالة.
- لا تجعلي هناك فترة طويلة بين المرة والأخرى؛ فالأفضل أن تكون بصفة يومية حتى لا تركزي على الأحداث الكبرى وتتجاهلي الصغرى.