ضرب وتعرية الفتيات في الشوارع وميدان التحرير يثير غضب المصريين
الفتاة تتعرض للضرب والتعرية
أثارت مشاهد الإعتداء بالضرب والجر على الفتيات والنساء في الشوارع
وميدان التحرير الكثير من الغضب في أوساط المصريين، ودعت ناشطات في مجال
الدفاع عن حقوق المرأة إلى التظاهر في مليونية، إحتجاجاً على التعامل
العنيف من قبل قوات الشرطة العسكرية مع النساء. وفي المقابل قال البعض إن
الفتاة صاحبة الفيديو الأشهر التي يتم ضربها وتعريتها في الشارع، إعتدت على
الضباط والجنود بألفاظ بذيئة، وبصقت في وجوههم، قبل أن يعتدوا عليها
بالضرب، وذهبوا إلى أبعد من ذلك من خلال التساؤل: لماذا كانت ترتدي ملابس
خفيفة بدون ملابس داخلية ثقيلة رغم بردوة الجو في الشتاء؟ وهو تساؤل لا
يخلو من سوء النوايا، ويحاول التشكيك فيهن.
تظهر الصور الفوتوغرافية ومشاهد الفيديو التي التقطت خلال اليومين
الماضيين تعرض نساء وفتيات للضرب والسحل، ويستوي في ذلك المتنقبات
والمحجبات والسافرات، وتظهر إحدى الصور جنوداً يمسكون سيدة عجوز من شعرها،
ويعتدون عليها بالضرب، وإتضح أن إسمها خديجة الحناوي، ويلقبها المتظاهرون
بـ”أم الثوار”، لأنها دأبت منذ إندلاع الثورة في 25 يناير على تقديم
الطعام والشراب لهم في جميع إعتصاماتهم ومظاهراتهم.
وتظهر صور أخرى جنوداً وضابطاً يعتدون بالضرب بالهراوات على سيدة
منتقبة بينما تقع على الأرض. وتظهر صور ثالثة جنوداً يعتدون بالضرب على
فتاة بينما تجلس القرفصاء في حالة من الرعب.
وهناك صور يتعرض فيها شاب وفتاة للضرب بينما يجلسان في حالة خوف وفزع.
وتظهر صورة جندياً يجذب فتاة من شعرها بقوة. وهذه الفتاة خرجت للإعلام
لاحقاً، وقالت إن إسمها غادة كمال وروت تفاصيل الواقعة.
غير أن المشاهد الأكثر فزعاً، وإثارة للغضب، كانت مشاهد فيديو يظهر فيه
الجنود يلاحقون مجموعة من الشباب، وتسقط فتاة فيعتدون عليها بالضرب
المبرح، حتى تصاب بفقدان الوعي، ويجرونها من ملابسها حتى تتعرى، وبينما
يحاول أحد الجنود سترها، يهاجمهم مجموعة من الشباب، ويستطيعون إبعاد
الجنود عنها. لكن الفتاة كانت في حالة فقدان كامل للوعي.
أثار هذا المشهد عاصفة من الغضب ضد المجلس العسكري في مصر والشرطة
العسكرية، داخلياً وخارجياً، وتناقلت وسائل الإعلام المصرية والعربية
والدولية صور الفتاة شبة عارية والجنود يضربونها بالعضي ويركلونها
بالأرجل.
وكان رد الفعل الأقوى من جانب الدكتور محمد البرادعي، وقال في رسالة له
على صفحته بموقع الفايسبوك ” إلى المجلس العسكري.. هل رأيتم صور الشرطة
العسكرية وهي تسحل الفتيات وتعريهم من ملابسهم؟.. ألا تخجلون؟ دعوني
أذكركم.. الحق فوق القوة”.
وجاء رد الفعل الأغرب من جانب مجدي الحسيني مذيع قناة “أون تي في” التي
يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي أعلن أنه قص شاربه، إحتجاجاً على
تعرض الفتاة للضرب والتعرية، وقال في برنامجه الصباحي على القناة “صباح
أون”: “أنا حلقت شنبى مش للشياكة، او محاولة للاستظراف وانما قعدت افكر
امبارح هو احنا مربين شنباتنا ليه، واحنا ازاي نبقى رجالة وبناتنا بيتعمل
فيهم كده، لو فينا راجل ولسه مربي شنبه يا ريت يحلقه”.
الفتاة قبل أن تتعرى
ووضعت فتاة أخرة مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه لمن يدلي بمعلومات عن
الجندي الذي ضرب الفتاة وجرها من شعرها وملابسها بالشارع، ووزع المتظاهرون
صوراً للجندي في بوسترات متعددة الأحجام في الشوارع وميدان التحرير، وذلك
على طريقة الضابط محمود الشناوي المعروف إعلامياً بـ”قناص عيون
المتظاهرين”، الذي رصد بعض المتظاهرين مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه لمن
يدلي بمعلومات عنه أو يأتي به حياً أو ميتاً، ونجحت الطريقة في الضغط على
وزارة الداخلية والنيابة العامة وإجبارهما على القبض عليه وتقدمه للمحاكمة.
ودعت ناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة إلى التظاهر غداً الثلاثاء
20 ديسمبر الجاري، في مليونيات بميدان التحرير، إحتجاجاً على الإنتهاكات
التي ارتكبها جنود الشرطة العسكرية بحق النساء والفتيات، وتهميش دور
المرأة بعد الثورة. وقالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري للدفاع عن
حقوق المرأة لـ”إيلاف” إن ما حدث للنساء والفتيات يتنافى مع جميع المواثيق
الدولية لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذه الإنتهاكات التي أطلع عليها
العالم أجمع لن تمر مرور الكرام، ودعت إلى إجراء تحقيق عادل وشفاف فيما
أقدم عليه جنود الشرطة العسكرية، منوهة بضرورة أن يكون التحقيق من قبل
لجنة قضائية محايدة، وليس من قبل النيابة العسكرية، كما كان يحدث في
السابق في جميع الإنتهاكات التي يكون العسكريون طرفاً فيها، مثل إختبارات
العذرية التي تعرضت لها الفتيات في 9 مارس الماضي.
وتبنت الدكتورة هدي بدران رئيس رابطة المرأة الجديدة الدعوة إلى
التظاهر إحتجاجاً على الإنتهاكات التي تعرضت لها النساء في مصر على أيدي
الشرطة العسكرية، وقالت لـ”إيلاف” إن التظاهر في مليونيات وسيلة جيدة
للضغط على المجلس العسكري من أجل تقديم الجناة للمحاكمة، مشيرة إلى أن ضرب
النساء من مختلف الأعمار وتعريتهن ما هي إلا محاولة لكسر إرادتهن
وإذلالهن من أجل حملهن على عدم النزول للشوارع والتظاهر ضد السلطات
الحاكمة، وعدم المطالبة بحقهن في الحرية والحياة الكريمة والحق في ممارسة
العمل السياسي والحق في تولي المناصب القيادية.
خديجة الحناوي أم الثوار تتعرض للضرب
وقالت غادة كمال في فيديو لها على الفيسبوك، إنها أثناء فض الإعتصام
أمام مجلس الوزراء تعرضت للضرب، وقالت: “عند محاولتي الهرب فوجئت بأربعة من
جنود الجيش يقومون بضربي وأحدهم جذبني من شعري فوقعت على الأرض بينما آخر
جذبني من ملابسي، الأمر الذي ظهرت عليه في جميع المواقع وبعض الصحف وهو
منظر غير أخلاقي. وأضافت: قاموا بسحلي أمام الجميع ولم يلتفتوا إلى
استغاثتي أو هتافات المتظاهرين وحدث هذا امام مجلس الشعب حتى تعريت من
ملابسي واحتجزوني داخل المبنى. وستطردت: قال أحد الضباط ”هي دي البنت اللي
بتشتم عليكم” حتى شعرت إنني سأموت داخل المكان. وأشارت إلى أنها لن تسكت عن
حقها، وقررت مقاضاة المجلس العسكري.
وبالمقابل، شن أصحاب الإتجاه الآخر حملة مضادة ضد الفتيات اللواتي
تعرضن للضرب والتعرية، ولم يتعاملوا معهن بإعتبارهن ضحايا، بل جناة، ووصل
الأمر إلى حد الشكيك في أخلاقهن، وقال محمد رضا وهو صحافي مصري يعتقد أن
الثورة عمل إنقلابي خارجي، إن الروايات الحقيقية للأحداث تشير إلى أن
الفتاة اعتدت على الجنود والضباط بالألفاظ البذيئة، وبصقت في وجوههم،
وأضاف لـ”إيلاف” أن ما يدل على هذا أن الفيديو الذي يظهر الجنود وهم
يعتدون عليها بالضرب، يظهر فيه رجل يسير ومعه فتاتين، ولم يتعرض الجنود
لهما، بل إن جندياً أفسح لهم الطريق. وتساءل رضا: عن أسباب إرتداء الفتاة
قطعة واحدة من الملابس وهي العباءة السوداء رغم برودة الطقس الشديدة؟ لكنه
سؤال لا يخلو من دلائل ليست طيبة.
وبعد أن إتضحت شخصية الفتاة التي كان الجندي يجذبها من شعرها، وإسمها
غادة كمال عضو بحركة 6 أبريل وحملة دعم البرادعي رئيساً للجمهورية، كتب
ناشط على الفايسبوك ” البنت صاحبة الصور، طلعت من 6 ابريل و دعم البرادعي
في المنصورة، أظن الصورة وضحت، واتعرفت هي ليه فى عز الشتاء لبست اللبس
داااا.. والصور اتصورت من أكتر من زاوية بكاميرا مسلطة عليها يا محاسن
الصدف كل مصيبة بيكون وراها 6 ابليس”.
ضرب سيدة متنقبة
فيما تهكم ناشطون بالتيار الإسلامي على ردود فعل رموز التيارات
الليبرإلية على الواقعة، وقال خالد عبد الله مذيع بقناة الناس التابعة
للتيار السلفي، تعليقاً على حديث الدكتور محمد البرادعي للمجلس العسكري
“ألا تخجلون من أنفسكم”، قال عبد الله “يا واد يا مؤمن”، يقصد البرادعي،
وضحك بسخرية، وضحك إثنين من ضيوفه أصحاب اللحى. وأضاف: الكل دلوقتي بقى ”
أصبح” مؤمن، دلوقتي كلهم بيدافعوا عن المنتقبات، كانوا الأول بيقول القبض
على منتقبة، أو القبض على رجل يرتدي ملابس منتقبة، خلاص بقت الثورية
منتقبة دلوقتي.. يا نصابين”.
فيما اهتمت الصحف العالمية بالحدث، وأفردت صحيفة الغارديان مساحات
كبيرة لتغطيته، ونشرت صوراً للفتاة وهي تتعرض للضرب والتعرية والجر في
ميدان التحرير.