فتح الجيش البحريني النار على مئات المتظاهرين كانوا يعتزمون العودة الى دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة.
وتعرض المتظاهرون لاطلاق النار بعد تجمعوا في المنامة بعد حضورهم جنازات قتلى تظاهرات الامس واول امس.
وقال شهود إن الجيش استخدم العيارات
الحية والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، بينما قال مسؤولون إن 120
متظاهرا على الاقل اصيبوا بجروح.
وفي محاولة لامتصاص الغضب نزع فتيل الازمة
المستعرة، وعد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة باجراء حوار وطني مع كل
الاطراف في البلاد.
وجاء في مرسوم ملكي صدر الجمعة ان الملك حمد خول
ولي عهده الامير سلمان بن حمد "جميع الصلاحيات اللازمة لتلبية آمال وتطلعات
المواطنين."
وكان ولي العهد، الذي يشغل ايضا منصب نائب القائد
العام للقوات المسلحة، قد طلب في وقت سابق من المواطنين البحرينيين كافة
اخلاء الشوارع.
وعبر الامير سلمان في كلمة وجهها عبر التلفزيون
البحريني الرسمي عن اسفه "لهذه الايام المؤلمة" ودعا الشعب الى التوحد
قائلا إن البلاد تقف على مفترق طرق.
وقال: "يتظاهر بعض الشبان معتقدين ان لا مستقبل
لهم في البلاد، بينما يتظاهر آخرون تعبيرا عن حبهم وولائهم. ولكن هذه
البلاد لكم جميعا، للسنة والشيعة على حد سواء."
على صعيد آخر، حذرت الحكومتان الامريكية والبريطانية رعاياهما من مغبة السفر الى البحرين الا للضرورة القصوى.
اوباما وأدان الرئيس الامريكي باراك اوباما في مكالمة
هاتفية اجراها مع الملك حمد العنف الدائر في البحرين، وحثه على توخي ضبط
النفس في التعامل مع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
واستعرض الرئيس الامريكي الوضع في البحرين مع
الملك حمد في المكالمة التي اجراها معه مساء الجمعة، وطلب من الملك
البحريني محاسبة اولئك الذين تثبت مسؤوليتهم عن اعمال العنف.
وقال اوباما إن على البحرين احترام الحقوق الاساسية لكافة سكانها، والقيام باصلاحات "ذات معنى."
من جانبهم، بدأ الكثير من المتظاهرين في المنامة
بالمطالبة برحيل اسرة آل خليفة التي ما لبثت تحكم البحرين لمئتي سنة
تقريبا، ولكن ثمة تقارير تحدثت عن تأجيل زعماء الاحتجاجات لمظاهرة مناهضة
للحكومة كان مقررا ان تنطلق السبت.
وفي تطور منفصل، اعلنت بريطانيا انها قررت سحب بعض
من اجازات تصدير الاسلحة للبحرين التي كانت قد اصدرتها في السابق في ضوء
التطورات الجارية في هذه الدولة الخليجية.
صدامات
وتقول مراسلة بي بي سي في المنامة كارولين هولي إن موكب تشييع احد قتلى التظاهرات تحول الى تظاهرة مناهضة للحكومة.
وعندما كان المشيعون يحاولون الوصول الى مستشفى
السلمانية حيث كان يرقد رفاقهم، تعرضوا لاطلاق نار عند وصولهم الى دوار
اللؤلؤة الذي كان الجيش قد اغلقه في اليوم السابق لمنع المحتجين من التجمع
فيه.
وقال احد شهود العيان لتلفزيون الجزيرة إن الجيش فتح النار على المتظاهرين دون سابق انذار.
واضاف: "بدأوا يطلقون النار علينا، والآن هناك 20 منا يرقدون في المستشفى توفي واحد منهم لأنه اصيب في رأسه."
من جانب آخر، نقلت وكالة اسوشييتيدبريس عن شاهد
آخر يدعى علي الحاج قوله "بدأ الناس يتراكضون في كل الاتجاهات بينما
تطايرات العيارات النارية حولهم. لقد شاهدت اناسا اصيبوا في سيقانهم
وصدورهم، وشاهدت رجلا اصيب في رأسه."
وكانت الوكالة ذاتها قد قالت في وقت سابق إن جنود الجيش اطلقوا القذائف المضادة للطائرات فوق رؤوس المتظاهرين.
وقالت مصادر طبية لبي بي سي إن المستشفيات استقبلت
اكثر من 120 اصابة بعد الصدامات، اكثرها جراء الغاز المسيل للدموع بينما
اصيب عدد من المتظاهرين بكسور وواحد اصيب بطلق ناري في ساقه."
قلق دولي وكان المرجع الشيعي البحريني الشيخ عيسى قاسم قد
وصف الهجوم الذي تعرض له المتظاهرون "بالمجزرة" وقال إن الحكومة قد اوصدت
الباب بوجه الحوار.
وعندما كان يلقي الشيخ قاسم خطبة الجمعة في احدى
ضواحي المنامة، قاطعه الحاضرون بهتافات قالوا فيها "النصر للاسلام" و"الموت
لآل خليفة" و"نحن جنودك."
وكانت عدة دول غربية قد حثت السلطات البحرينية على توخي ضبط النفس في تعاملها مع المحتجين، ودعتها الى اجراء اصلاحات ذات معنى.
وقد استنكرت المفوضة العليا لحقوق الانسان في
الأمم المتحدة نافي بيلاي الجمعة ردات الفعل "غير القانونية والمفرطة" التي
تعتمدها الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضد "مطالب مشروعة"
للسكان.
"جحيم طائفي"
ودعا ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى "الهدوء فورا" في البلاد، متعهدا بحوار وطني سيبدأ حالما يعم الهدوء.
وقال ولي العهد البحريني في حوار تلفزيوني انه
يدعو جميع الأطراف الى "الهدوء فورا" مشددا على أنه "بدون هذه الخطوة لن
يكون بالامكان بحث أي مشكلة".
وتعهد ولي العهد ببحث "كل المشكلات ضمن حوار جماعي في البحرين تشارك فيه جميع الاطراف".
وقال ولي العهد الذي دخل الاستديو اثناء حوار كانت
تجريه الاعلامية سوسن الشاعر مع عضو مجلس الشورى ابراهيم بشمي "انا لا
افرق بين اي مواطن (...) لكن ما يحدث الان غير مقبول (...) البحرين لم تكن
في يوم دولة بوليسية".
ولما سئل عن ضمانات الاستجابة لنداء الهدوء، قال
"أنا لم اكذب (...) هؤلاء ابناء شعبي جميعا (...) المرحلة التي وصلنا اليها
خطيرة وتستدعي منا جميعا الاحساس بالمسؤولية (...) لا بد أن نجري حوارنا
في ظل الهدوء الشامل".
وقال الأمير سلمان إن "البحرين اصبحت اليوم منقسمة
وهذا ما لا يمكن القبول به (...) العديد من الدول شهدت اوضاعا مماثلة لكن
العقلاء جاؤوا في النهاية وجلسوا وتحدثوا بهدوء وناقشوا كل شيء".
وسئل ولي العهد عن سقف الموضوعات المطروحة للحوار، فقال "السقف ما يتفق عليه الجميع".
وكان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد
آل خليفة قد قال في وقت متأخر من يوم الخميس إن عملية الإخلاء القسرية التي
نفذتها قوات الأمن البحرينية في دوار (ساحة) اللؤلؤة كانت ضرورية لتجنيب
البلاد من الاقتراب من حافة "جحيم طائفي".
وقال في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مع وزراء خارجية
مجلس التعاون الخليجي في المنامة إن الشرطة تدخلت "لأن ما حدث في منطقة
الدوار مثل خروجا عن الدولة".
ونفى الوزير البحريني ما تردد عن وجود عناصر من
قوات خارجية شاركت في المواجهات بين المتظاهرين والشرطة في دوار اللؤلؤة،
والتي أدت الى مقتل اربعة واصابة اكثر من 230 شخصا.
وشدد على انه ليست هناك ازمة ثقة بين الحكومة
والشعب . وقال ان هذه المرحلة ادت الى صدمة للوطن كله ولكننا قادرون على
اجتياز هذه المحنة بقيادة الملك .
وردا على توقيت الغارة على المحتجين قال الوزير ان
التوقيت تحدد لضمان قلة عدد المتواجدين في الدوار، مما يقلل من احتمالات
الخسائر والاصابات، مضيفا ان المحتجين لم يكونوا نائمين كما تردد.
استنكار دولي لاستخدام العنف ضد المتظاهرين في البحرين
استنكر المجتمع الدولي
استخدام الشرطة البحرينية العنف ضد المتظاهرين. رغم أن وزيرالخارجية
البحريني برر ذلك بالخوف من التورط في فتنة طائفية.
يذكر ان البحرين تشهد، منذ استقلالها عن بريطانيا
في عام 1971، توترات بين النخبة السنية الحاكمة والاغلبية الشيعية الاقل
حظوة، وهو ما اسفر في عدة مناسبات عن اضطرابات وقلاقل مدنية، اذ يقول
الشيعة انهم مهمشون وخاضعون لقوانين مجحفة، ومقموعون.
الا ان الصراع خف نسبيا في عام 1999 عندما تولى
الشيخ حمد آل خليفة مقاليد السلطة اميرا للبلاد، اذ بدأ عهده باصلاحات
ديمقراطية متحفظة، وفي عام 2002 اعلن نفسه ملكا، وتلى ذلك انتخابات اعتبرت
منعطفا في تاريخ البحرين.
الا ان المعارضة قاطعتها بسبب تعيين اعضاء الديوان الاعلى من البرلمان، او مجلس الشورى، من قبل الملك.
واعرب الملك، في ظهور نادر على شاشة التلفزيون الثلاثاء، عن اسفه لمقتل محتجين، مؤكدا على استمرار الاصلاحات.